حكاية عبير مع المدرسة الوطنية العليا للإعلام الآلي - الجزء 4

السنة الرابعة تخصص نظم المعلومات و التكنولوجيا، سنة كنت انتظرت مجيئها بفارغ الصبر و في نفس الوقت كنت أخشى انتهاءها، ليس لأنني تعلقت بهذه المدرسة و لكن لأنني كنت على وعي أننا نقترب من نهاية مشوارنا معا، نقترب من الفراق، من أن يذهب كل أصدقائي، كل في طريقه ليحقق طموحاته..... بدأت تلك السنة بكثير من الدروس، احد عشر مادة معظمها تدور حول نفس الموضوع، و كأنها بضع وجوه لنرد واحد.... معظم الأساتذة الذين كنت أراهم مملين في السنوات السابقة، غيرت نظرتي تجاههم تماما، فقد بدووا أكثر احترافية و أكثر تحكما في تلك المواد المدرسة... كانت المعلومات المقدمة، و إن كانت في بعض الأحيان مخيبة للظن، مفيدة أو ربما مثيرة للاهتمام رغم قدمها.... معظم المواد لا تتطلب فهما معمقا أو تطبيقات كثيرة بل تتطلب ذكاء في وضع الاستراتجيات و التحليل.... و أكثر المواد التي كنت أحبها هي تحليل نظم المعلومات المدرسة من قبل أفضل الأساتذة في رأيي الأستاذ ولد قارة، أستاذ أحترمه و أقدره حقا.... ذلك أنه حطم أسس التدريس التقليدية القائمة على التلقين، و ارتقى بها إلى مستوى آخر، نقل الخبرات.... درسه كان مميزا، يضع ذلك العرض على الحائط و يبدأ في سرد حكاياته، تجاربه ثم يضع همزة الوصل مع الدرس، و كونه صاحب شركة للتطوير، جعل منه منجم ذهب متنقلا بمعنى الكلمة..... لم يكن درسه مجموعة من الأسس النظرية، التي تختلف كل الاختلاف عما يوجد في السوق، بل يريك خبث و قساوة الحياة في الواقع، يعطيك بعضا من أسرار النجاح على أرض الواقع.... لذلك أعتبره مثالا يجب ان يحتذى به في التدريس.....
مر هذا العام بسرعة عكس ما كنت أتمناه، كنت قد اعتزلت النوادي، عملت أكثر على أشياء أكثر احترافية، شاركت مع مجموعة من الفتيات في مسابقة عالمية و المفاجئة، تأهلنا للنهائيات و قمنا بتمثيل الجزائر و تشريفها بحصولنا على المرتبة الثانية من بين الكثير من الشركات الناشئة..... فيما يخص هذا المشروع، اود أن أوضح امرا، عندما بدأناه لم نكن على يقين بالفوز، بل لم نضع الفوز نصب عيوننا بل كنا نطمح ان نصنع شيئا ذا فائدة، و اتفقنا أن نكمل المشوار حتى و إن تم اقصاؤنا. و الحمد لله، تلك الرؤية التي شاركناها فيما بيننا، جعلتنا نعمل بكل اخلاص و تفان لنقترح حلا ذا فائدة مكننا من التأهل و مكننا من شق طريق لم نظن يوما اننا سنذهب من خلاله، فتحت لنا ابوابا ظننا أنها موصدة بإحكام لأشخاص من أمثالنا..... عندما ظن الجميع اننا لن نستطيع، لن نذهب لأي مكان، استطعنا اثبات أنفسنا، استطعنا اثبات ان ذلك الحكم خاطئ في حقنا، جعل أناسا من مختلف الجنسيات يؤمنون بنا، بقدراتنا و يقومون بتشجيعنا....
و نصيحتي من هذا العام: "اخرج من دائرة الراحة، تحد نفسك، افرد جناحيك، فحتى و إن كنت حمامة صغيرة، بعض العزيمة و الاصرار قادران على جعلك تحلق مع الصقور بل و تلمس النجوم"
#يتبع

Commentaires