حكاية عبير مع المدرسة الوطنية العليا للإعلام الآلي - الجزء 2

انتهت السنة الأولى، و التحقت بتربص في ذلك الصيف، اول تربص لي على الإطلاق، في ملحقة تابعة لشركة التأمينات CAAR، كنت تحت اشراف تقني سامي في الاعلام الآلي، علمني كيفية استعمال برنامج التأمينات و هو برنامج طورته شركة مغربية، كان الهدف منه التعرف على الحياة في الشركات و مناهج العمل فيها.
بدأت السنة الثانية، فقدنا بعضا من الأصدقاء و الطلاب الذين شاركونا بعض تلك الاوقات.... في الحقيقة يمكن تشبيه هاته المدرسة بلعبة فيديو، كلما انتقلت إلى مستوى أعلى، ازدادت حدة اللعب و التحديات و معها التضحيات ..... و على سبيل ذكر التضحيات، علمتني هذه المدرسة انه "لا يمكننا الحصول على كل شيء سنضطر في مرحلة ما أن نخسر بعض الأشياء في سبيل أن نحصل على أخرى".....
كان السداسي الأول حسب ما أذكره، مليئا بالأشياء الجديدة، تمكنت فيه من تحدي نفسي و إخراج أفضل ما لديها.... كان ذلك العام بمثابة عام التظاهرات و الدورات التعليمية ( Events and trainings) بالنسبة لي، كنت قد انضممت للنادي العلمي CSE  و نادي ETIC  و كذا Shellmates، شاركت رفقة مجموعة من الطلاب في مختلف المستويات في تنظيم عدة تظاهرات تعلمت من خلالها كيفية الاندماج، التنظيم، كيفية الكتابة و مراسلة الشخصيات الهامة و تعلمت تشغيل بعض برامج التصميم مثل GIMP  و Inscape، إضافة إلى مجموعة أخرى من المهارات .... و هذا العمل الجمعوي و التطوعي كان محفزا لي في الدراسة، فقد تحسنت علاماتي، و أصبحت أرى فائدة ما ادرسه (أو بالأحرى، حددت ما يجب أن أركز عليه أكثر من غيره)...... لا أنكر أنه في هذا العام بالتحديد، فقدت نفسي، تهت في المجهول، لم أدر أين أنا و ما أريد، صحيح أنني بدأت أقهر تلك الآلة التي أصبحت عليها و لكنني في نفس الوقت كنت أحس أن شخصيتي تحطمت و كان يجب أن أعيد بناءها بسرعة، غير أنني لم أعرف من أين أبدأ..... بعبارة أخرى لم أعد أرى الطريق أمامي، ذلك أنني لم أعرف ماهي أحلامي آن ذاك....
كان السداسي الأول بمثابة خليط من المعارف، بعضها تقني بحت و آخر قائم على المعلوماتية و التسيير، و لكن كثرة المواد المدروسة جعلتني و أظنني لست وحدي في هذا، أضحي بمادة أو مادتين بدتا غير مهمتين بالنسبة لي....ثم اكتشافها و دراستها بشكل سريع ليلة الامتحان، و من بين هاته المواد، كانت مادة الاقتصاد (Economics)، المضحك في الأمر أنني دونت بعض الملاحظات على يومياتي ليلة مراجعة هذه المادة، كتبت فيها: "بعد دراسة هذا الكم الهائل من المعلومات عن الاقتصاد، اكتشفت أشياء رائعة بخصوصه و من بينها مبدأ الاقتصاد الياباني القائم على الذهاب خطوة خطوة و هو مبدأ كايزن...." و حقا منذ ان درست ذلك المبدأ و انا أتبناه دون حتى ان أشعر....
انتهى السداسي الأول، و انطلق السداسي الثاني و في جعبته تحديات من درجات أعلى، أبرزها المشروع..... قمت رفقة مجموعة من الفتيات بتكوين فريقنا المتكون من ست فتيات بشخصيات مختلفة.... كان العمل معهن بمثابة أول عمل احترافي لي، كنت اشغل منصب قائدة المجموعة بترشيح من الفتيات.
عكس بقية الطلبة، كنا مجموعتين ممن قاموا باقتراح المشروع الذي سيعملون عليه، و كلا الفريقين كانا مع نفس المؤطرة، فريقنا المتكون من ست طالبات، و الفريق الآخر المتكون من ستة طلاب، كنت أنا صاحبة فكرة المشروع، بعدما لاحظت كيفية سير الثانوية التي درست فيها، فاقترحت على المؤطرة برنامجا لتسيير كشوف النقاط، و حصلت على موافقتها و قمت و إياها بتحديد الأهداف و ووضع خطة للعمل.
من التحديات التي واجهتها كقائدة للفريق، كانت أن أحافظ على هدوء المجموعة و أمتص الخلافات بين الفتيات، و كذا وضع خطط تتماشى مع شدة العمل في باقي المواد و مناهج عمل الفتيات، أما على مستوى التطوير،  فقد واجهنا بعض المشاكل في تعلم لغة البرمجة خاصة و أنها جديدة علينا من حيث المبدأ و من حيث الأسس، فقد استعملنا الجافا Java في حين أننا لم نكن نتقن آن ذاك سوى لغة سي C. في نهاية المشروع، اخبرتنا الأستاذة انه مقارنة بمجموعة الطلبة، كنا اكثر تنظيما و لدينا مذكرة أحسن منهم، أما الطلبة فقد صنعوا برنامجا أفضل مما صنعناه. كانت تجربة جيدة، أخرجت فيها أفضل ما لدي، و اكتشفت فيها قدراتي على التسيير و الريادة.
و من أبرز التظاهرات التي شاركت فيها في هذا السداسي كانت يوم في الشركة (Journée en entreprise) من تنظيم نادي ETIC، زرنا خلاله شركة Emploitic و تعرفنا على سير العمل عندها و على نظامها المعلوماتي، كانت تجربة جيدة مكنتني من اكتشاف عالم المقاولاتية و التقرب منه.
بانتهاء هذا السداسي، انتهت تجربتي مع الأقسام التحضيرية، انتهت مع مجموعة من الدروس و المهارات الجديدة، انتقلت إلى الطور العالي دون الحاجة للمرور بالمسابقة و حظيت بأول و آخر عطلة صيفية كاملة و ممتعة. و نصيحتي لكم من السنة الثانية: "تحدوا أنفسكم، و اخرجوا أفضل ما لديكم، فأنتم أصحاب مواهب و قدرات لا تظهر إلا عند الأزمات، فقط آمنوا بأنفسكم"
#يتبع

Commentaires